المحامية غدير نقولا، مديرة فرع عنوان العامل في الناصرة، حول اقتراح قانون فيسكونسين وبعد مروره بالقراءة الاولى قالت:" مرة جديدة تعود الحكومة من خلال إقتراح القانون الذي مرّ بالأمس بالقراءة الأولى إلى خصخصة مصلحة التشغيل، بواسطة خطة تدعى "خارجون للعمل". هذه الخطة كسابقتها والتي عرفت بمخطط ويسكونسين الهادف الى تسليم مكانة وسلطة مصلحة التشغيل لشركات خاصة ذات أهداف ربحية، وهذا المخطط سيسري على عشرات الألوف من المواطنين متلقي مخصصات ضمان الدخل، والذين سيتم تحويلهم لمراكز تابعة لهذه الشركات الخاصة بدلاً عن مكاتب العمل اليوم".
وأضافت المحامية غدير نقولا:" إن التجربة الفاشلة والسيئة التي شهدناها جميعاً من خلال تنفيذ مخطط ويسكونسين سابقا والتي انتهت في عام 2010 بعد أن قامت الكنيست برفض تمديد فترة القانون بهذا الخصوص.، هي كفيلة بأن تكون رادعا للحكومة من معاودة التجربة، الا انه وللإسف تعود مرة اخرى مع مخطط شبيه للغاية لسابقه، على الرغم من التغييرات الطفيفة. والمقلق بالاقتراح الجديد هو أن المخطط سيطبق في كافة المناطق، وليس كمخطط ويسكونسين والذي كان تجريبياً ويقتصر على أربعة مناطق فقط!".
وتابعت :" موقفنا الرافض لهذه الخطة هو في أساسه موقف مبدأي ضد الخصخصة عامةً لقطاعات اقتصادية ولخدمات اجتماعية تقع ضمن مسؤولية الدولة والسلطة المركزية. رفضنا يتضاعف عندما ترتبط هذه الخدمات المخطط خصخصتها بحقوق اساسية للمواطنين".
وأضافت :" لا يمكن أن نتوقع امور ايجابية من مؤسسات وشركات ذات أهداف ربحية، عندما ترتكز مكاسبها المادية وتزداد نسبة مدخولها بأمور تتعلق بحقوق أساسية للمواطنين. التجربة السابقة من خلال مخطط ويسكونسين أثبتت أن مصلحة الشركات تناقضت مع مصلحة المواطنين. البرامج غير المهنية التي فرضتها الشركات على متلقي مخصصات الدخل وساعات التواجد الطويلة في المراكز أدت إلى إحباط جمهور متلقي ضمانات الدخل وتضييق الخناق عليهم، مما أدى بالكثير منهم إلى ترك المراكز من دون اي بديل يضمن لهم دخل معيشي. غيابهم من سجلات الدولة كمتلقي مخصصات الدخل أدخل بالمقابل الارباح للشركات واصحابها".
الفرضية في المخطط، العاطل عن العمل هو المشكلة واسقاطاته على العرب سيئة جدًا
وقالت المحامية غدير نقولا أيضا : "هنالك أيضاً مشكلة أساس وأولية في هذه الخطة وبأمثالها بشكل عام، وهي انها تخرج من منطلق وترتكز على قاعدة أن "العاطل عن العمل هو المشكلة" وليس سياسات الإفقار والتمييز التي تمارسها الدولة!! هذه المخططات لا تشمل خلق فرص عمل وانما تدعي تدريب العاطلين عن العمل وتحضيرهم للدخول سوق العمل. بالمقابل لم تطرح الحكومة أية حلول ولم تخصص أية ميزانيات من خلال اقتراح الميزانية للعامين 2013-2014، بهدف زيادة أمكان وفرص العمل".
وعن اسقاطات المشروع على العرب، المحامية غدير نقولا :" اسقاطات هذا المخطط على الجماهير العربية هي الأسوأ، نظراً للنسبة العالية من طالبي مخصصات الدخل العرب والتي هي أعلى من نسبتهم من مجمل مواطني الدولة. أضف لذلك الوضع الإقتصادي السيء والتمييز الممنهج ضد هذه الجماهير والذي ينعكس في شحة فرص العمل".
وتابعت :" في تقرير مراقب الدولة الأخير والذي صدر قبل شهر ونصف كان قد تطرق لأحدى المشاكل الأساسية بالنسبة للمواطنين العرب وقضية العمل، وهي شح المناطق الصناعية داخل البلدات العربية والتمييز الحكومي في هذا الصدد تجاه الجماهير العربية. احدى المعطيات التي ذكرت في التقرير هو أن 2.4% فقط من المناطق الصناعية متواجدة في البلدات العربية، وان وجدت فهي بالعادة بمساحة صغيرة مقارنةً بالمناطق الصناعية في البلدات اليهودية".
وأضافت :" هذه المعطيات وغيرها تؤكد أن حل مشكلة البطالة سيأتي من خلال خلق فرص عمل توفر حياة كريمة للمواطنين، وليس من خلال خطط تهدف الى تضييق الخناق على متلقي مخصصات الدخل، وإخراجهم من سجلات الدولة!".
وقالت :"تجدر الإشارة إلى أن النساء العربيات يشكّلن النسبة الأعلى (60% تقريباً) من ضمن المواطنين العرب متلقي مخصصات الدخل، وقد شهدنا من التجربة السابقة مدى معاناة النساء العربيات نظرا لقلة أماكن العمل الملائمة لهن، بالاضافة الى الزامهن بالتواجد بالمراكز وغيابهن عن منازلهن لساعات طويلة دون ايجاد اطر مناسبة لاولادهن، وإن توفرت فكانت بظروف سيئة".
مخصصات ضمان الدخل ليست هبة، إنما حق
وردًا على سؤالنا عن أهمية دمج العاطلين عن العمل في سوق العمل ولربما هذا القانون سيساعد، قالت المحامية غدير نقولا : "إن مخصصات ضمان الدخل ليست هبة أو حسنة من الدولة لمواطنيها، بل هي حق للمواطن الذي لم تستطع الدولة توفير العمل له بسبب سياسات التمييز والإهمال التي تتبعها الحكومات المتعاقبة، وهذه المخصصات هي عملياً الضمان له ولعائلته بالعيش الكريم. من هذا المنطلق مخصصات ضمان الدخل مرتبطة ارتباطا مباشرا بالحق في الكرامة والعيش بكرامة".
وتابعت :"الدولة وبدلاً من أن تقوم بخلق فرص عمل وبتقوية مصلحة التشغيل (ومكاتب العمل) من خلال زيادة الميزانيات والقوى البشرية، تخصص ميزانيات لشركات خاصة ذات أهداف ربحية، لتقوم بدور مصلحة التشغيل ، كما أثبتت التجربة السابقة أنه من دون علاج جذري لقضايا التمييز وضرورة تخصيص ميزانيات عادلة لتوفير أماكن عمل وحل أزمة البطالة، تبقى إمكانية الشركات الخاصة بإيجاد اماكن عمل لمتلقي مخصصات الدخل محدودة جداً. غالبية أماكن العمل التي قامت المراكز السابقة لمخطط ويسكونسين بإرسال متلقي المخصصات اليها، كانت لعمل مؤقت بوظائف جزئية وبأجر منخفض جداً".
مبني على الربح المادي
وفيما يتعلق بإدعاء الحكومة أن هذا المخطط معدل ومختلف عن السابق أختتمت نقولا قائلة :" صحيح أن المخطط الجديد لا يربط بشكل مباشر بين الربح المادي للشركات الخاصة وقرار موظفيها بحرمان المواطن من مخصصات ضمان الدخل، كما كان في السابق. ولكن هذا لا يعني انه لن يكون هناك ربح مادي للشركات اذا ما استطاعت خفض نسبة المسجلين كطالبي مخصصات ضمان الدخل، اقتراح القانون يلتزم الصمت بهذا الخصوص، وهذا أمر مقلق إذ ان بإستطاعة الشركات، وقد رأينا هذا فعلاً من خلال المخطط السابق كما ذكرنا سابقا، تضييق الخناق على المواطنين بهدف ترسيبهم، وذلك من خلال فرض ساعات تواجد طويلة يومياً في المراكز التابعة لها، عدا عن أن الدورات التي خصصت لهم لم تكن بمستوى مهني ولم تهدف فعلاً إلى اكسابهم آليات عمل تساعدهم على الاندماج بسوق العمل".
وأضافت :" الصلاحيات الملقاة على عاتق موظفي هذه الشركات الخاصة هي صلاحيات ضخمة جداً وحتى لو لم تكن للموظف صلاحية مباشرة بحرمان العاطل عن العمل من مخصصات الدخل، فإن موظف الدولة (التأمين الوطني) سيعتمد بالأساس على توصيات موظف الشركة في هذا الشأن!".